Home Chronique التحدي الإنتخابي الأبرز في الجزائر “الطلب ثوري والعرض مضاد!”

التحدي الإنتخابي الأبرز في الجزائر “الطلب ثوري والعرض مضاد!”

by Redaction LQA

الرئيسية / سياسة وفكر / التحدي الإنتخابي الأبرز في الجزائر “الطلب ثوري والعرض مضاد!”

https://mqqal.com بشير عَمري سياسة وفكر 

السلطة الفعلية بالجزائر وما تريده

بشروعها في محاكمة العصابة في ظل سياق ثوري حراكي متواصل، تريد السلطة الفعلية:

  • التمركز داخل الإرادة “الحراكية” هذه.
  • وإعطاء الإنطباع بأنها جزء من إفرازات الحراك التاريخي السلمي وهي ماضية في تحقيق مطالبه، حتى في ظل تصادم الرؤية بين الطرفين.
  • إذ في وقت تستهدف فيه فعاليات الحراك الثوري “النظام المنتج للفساد” تصر السلطة الفعلية على استهداف “الفساد الذي أنتجه النظام”.

وهذا وفق انتقائية ومنطق التضحية الداخلية الذي عادة ما تفرزه أو تفرضه حسابات الصراع داخل السلطة وفي معادلة صراعاتها مع الآخر ومع الجماهير فتلجأ إلى تقديم قرابين وكباش فداء إلى مسلخة العدالة، وهذا ما تعمد إليه النظم المارقة عن كل منطق مؤسسي وغير القائمة على جوهر منطق العصر في بناء الدول وهو الفصل بين السلطات.

التجربة المصرية، وهل تمضي الجزائر بذات الإتجاه؟

حدث ذلك مع نظام مبارك في مصر، قبل أن يعود ويستتب الأمر للعسكر فيتم سحق الثورة الشعبية بثورة مضادة، قادها رجال المال، برأت بعدها عدالتها كل عتاة الفساد المعمر مع حكم مبارك، والسؤال هنا:

  • فهل تمضي التجربة الجزائرية بذات الاتجاه؟
  • ما مستويات التغيير المرتقب هذا الشتاء على ضوء ما هو حاصل من معادلة الشد والجذب بين الحراك والسلطة؟ وما قيمة ما يمكن أن يعطيه المترشحون الرئيسيون للرئاسة لذلك الصراع، وللسياق الحراكي ككل قبل وما بعد الاستحقاق الانتخابي القادم؟.

الواضح قبل الشروع في محاولة الإجابة على تلكم الأسئلة، أن السلطة من خلال ما صار يشاع من ميلاد بعض الجمعيات والتنسيقيات تعمل على تغيير طبيعة الشعارات والمطالب المرفوعة بالتركيز على الهوية وأصول قياد دولة المستقلة عبر حشو الرمزي فارغ كالنوفمبرية والبادسية وغيرها، صارت تهتم أكثر بمسألة احتواء الحراك من خلال الاستحواذ على شعاراته ومطالبه، وعليه في تبني استراتيجية على بعيدين واضحين،  استعراض وعرض.

الاستعراض الذي يُعتمد في استراتيجية احتواء الحراك

الاستعراض يتمثل في مواصلة الإسراع في تفعيل إجراءات المتابعة القضائية ممن اشتهروا لدى العام والخاص بكونهم فاسدين مفسدين ومؤسسين للفساد طيلة عمر نظام بوتفليقة رأس الفساد الذي يتساءل الناس اليوم عن سبب إعفائه من كل متابعة قضائية وهو المؤسس والمعمم للفساد بالجزائر.

استعراض ترى أنه بوسعه أن يمنحها شيئا من المصداقية لدى قطاعات واسعة من الشعب وهو ما سيوجد لها موطئ قدم داخل الكتلة الحراكية الصلبة المدعومة باحتجاجات طلابية شرسة، وجزء من قطاع العدالة.

وإذا ما نجحت في خطوتها الاستعراضية هذه واستمالت إليها المزيد من قطاعات الشارع الحراكي الثوري، فإنها ستمضي بثقة أكبر، إلى المرحلة الثانية أي العرض، بدفع ببضاعة انتخابية تحمل خطابها في الحزم حيال الفساد والتأسيس لمنظومة حكم جديدة قائمة على النزاهة والكرامة والمساواة وغيرها من الشعارات التي ألفها المواطن الجزائري.

من لغة نظام بائد بل خسر كل فرص الممارسة مثلما خسر فرص الخطاب السياسي بعد أن أخفق بوتفليقة في إعادة إنتاج تجربة العصر الذهبي للنظام “البومديني” بل اكتشف الجزائريون بأثر رجعي أن بوتفليقة نفسه لم يكن بومدينيا في عز تواجده بحظيرتها بل كان مغروسا فيها !

معروضات النظام للحراك الثوري

يقتضي سياق الكشف عن معروضات النظام للحراك الثوري بغرض جلبه لإرادتها الانتخابية مثلما هو مسطور في أجندتها التي اتضح أنه لا محيد لها عنها، أن نجلي سياق العرض الذي يعتبر العقدة العضال للنظام في المضي نحو تجاوز أزمته المزدوجة الداخلية منها والخارجية.

  • الداخلية
    • تلك التي فتت بنيته بعد الذي فعله بوتفليقة فيه المنظومة كلها، على المستويات الثلاث:
      • الدستورية
        • حين تفرد بالحكم من خلال هيمنته على كل الصلاحيات وبمرضه أعجز دستوره الجميع على وراثة صلاحياته وبالتالي راح كل يعمل على شاكلته وتصرف بحسب ما يملك من نفوذ وقوة في ذلك الإرث (الصلاحيات الملكية).
      • الهيكلية
        • بضرب أداة التوازن التي كانت ضبط قواعد اللعبة بن كل الأطراف بغرف القرار داخل النظام بوجهيه الظاهر والمستتر خصوصا بعدما فكك المخابرات.
      • الحزبية
        • باستعماله الفاسد والمفسد لجبهة التحرير الوطني التي عُدت دوما حزب الدولة والمقصود هنا بالدولة تلك “العميقة” ولم يكن حينها في حسبان أي من أطراف اللعبة السياسية أن حراكا ثوريا مباغتا سيحدث ويعصف بهاته المنظومة ويجعلها قاعا صفصفا في أمسيته الأولى !
  • الخارجية
    • فهي تلك الأزمة التي وضع الحراك النظام فيها بعد أن جرده بوتفليقة بما فعلK، من كل أدوات المقاومة وإعادة استنساخ الذات التي كان يلجأ في عديد المرات إليها، وهو ما أعطى البعد الثوري الكامل لحراك الشعب لكونه كان من الهول والعظمة أنه تجاوز المشاريع السابقة والمقترحات الحالية لكونها لا تستجيب لإرادة عقول وأفئدة الفاعلين الحراكيين والمتطلعة إلى أفق جديد في مبنى ومعنى الدولة،
    • وليس الوطن كم يحاول البعض أن يغالط به ليبرر رفض النظام للبعد الثوري للحراك ومسعاه للتغير الشامل زاعما التخوف على الوحدة الوطنية من محاولة قطاع من الحراك تقويض ثوابت البناء الوطني الأول الذي رسمه بيان أول نوفمبر 1954 عشية اندلاع الثورة التحريرية.

طلب السياق الثوري أوسع من عرض النظام

وبهذا يتضح أن طلب السياق الثوري هو أوسع من أن يحتويه العرض القليل الهزيل للنظام لكون بضاعته في مجملها مستهلكة تاريخيا وسياسيا، ولكأن النظام بات لا يعي الدروس الخائبة من تجربته هو الطويلة، فلربما قد نسي بأن سياسة تقديم المعروضات السياسية بمنطق إعادة إنتاج البضاعة المستهلكة، أثبتت فشلها الفظيع مذ استقدم بوضياف لملء فراغا دستوريا افتعل لإيقاف مسارين بضربة واحد.

ديمقراطي وانتخابي سنة 1992، فكان ثمرة ذلك دخول البلد حرب أهلية طاحنة أتت على الأخضر واليابس، ثم استقدام بوتفليقة ليعيد للنظام سابق الأمجاد فأغطسه في قاع الفساد، وها نحن اليوم نسمع عن رهان بعض الرسميين على جياد كابية.

هي نفسها من قادة الفساد الذي أسس له بوتفليقة، مثل الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون، وثاني رئيس حكومات بوتفليقة وقائد حملته الانتخابية سنة 1999 علي بن فليس، دون نسيان الأسماء الأخرى التي وإن كانت لا تتصل بحالة الرجلين في جزئية أصولهم “السياسية النظامية” إلا أن تتصل بهم في جوهر المعضلة وهو انفصامها وغنفصالها عن المنطق الثوري الحراكي.

ما محور أزمة السوق السياسية في الجزائر؟

فأزمة السوق السياسية بالجزائر اليوم هي متمحورة في المفارقة الصعبة والعجيبة، الطلب ثوري والعرض مضاد، بمعنى أن الشارع ينشد القطيعة تامة مع النظام السياسي شكلا ومضمونا، حكم ومعارضة، خطاب وممارسة، في حين ما يقدم له من معروضات من خلال أشخاص وأفكار وبرامج هو مما قُدم له عبر كل مسارات صراعه التاريخي مع النخب الحاكمة من أجل التغيير !

وعلى ضوء كل ما تقدم، يتبين لنا حجم التباين الحاصل فيما بين أطراف الأزمة الجزائرية المعقدة والعميقة، وأن الحوارات التي يقال أنها تجري هناك وهناك هي في الأساس تفقد جدوها لكونها لا تطرح للنقاش جوهر ما يؤسس لذلك التباين.

كمنطلق للسعي نحو إيجاد عناصر الحلحلة الحقيقية للمعضلة، بل هي تفترض وتفرض حلحلة مسبقة للمعضلة من دون مراعاة ما يؤسس لذلك التباين بين الحراك الثوري الشعبي والنظام السياسي المدعوم بنخب فكرية، ثقافية وسياسية مستهلكة في غالبيتها عبر مختلف أحقاب  تجربة الدولة الجزائرية المستقلة.

فيديو مقال التحدي الإنتخابي الأبرز في الجزائر “الطلب ثوري والعرض مضاد!”

You may also like

Leave a Comment

Le Quotidien d'Algérie

Tribune de l’Algérie libre

Newsletter

Subscribe my Newsletter for new blog posts, tips & new photos. Let's stay updated!

Nouevautés

@2008 – All Right Reserved. Designed and Developed by LQA