ينبغي التمييز دائما بين السلطة والقيادة.
في كل دولة هناك سلطة قادرة كانت أو عاجزة، شرعية أو مطعون في شرعيتها. ولكن السلطة ليست بالضرورة قيادة.
ومجتمعاتنا وبسبب ما تعانيه من مشاكل وما هو مطروح عليها من إشكاليات وتحديات في حاجة لقيادة أكثر من حاجتها لسلطة. لأنه نادرا ما تكون السلطة قيادة.
إن مفهوم السلطة ليس المفهوم الأمثل لتحقيق الغايات، والسلطة إذا اتسمت بالتسلط، أي الاقتصار على فعل سلطوي وأحيانا كثيرة غير سياسي، فإن الأمر يزداد تعقيدا وتأزما.
مفهوم القيادة غائب للأسف منذ فترة في حياتنا.
إن مشاكل الدولة، من حيث طبيعة العلاقة القائمة بين الجزائريين والحكم والسلطة ومن حيث ضرورات تغيير هذه العلاقة، ومشاكل المجتمع، من حيث عوامل الركود فيه وعوامل التخلف وعوامل القصور المختلفة، تزيد من أهمية وجود قيادة وليس سلطة فقط. القيادة تصنع مصير بلد وشعب أما السلطة فتركز على عوامل استمرارها.
لن أدخل في هذه العجالة في مواصفات القائد. وأشير فقط لحال النخب الجزائرية السلطوية منها وغير السلطوية.
نخبة السلطة الحاكمة تمضي للأسف من فشل لفشل ومن قصور لمزيد من القصور وهذه النخبة أفسدتها السلطة بما تمنحها من حماية من المجتمع. إنها حماية غير منطقية وغير مفيدة. كما أن منع بروز ساحة سياسية تتنافس فيها الأفكار يؤدي للتسلط وغياب أي حساب.
لهذا لم تبرز نخبة معارضة حقيقية، كما لم تبرز قيادات سياسية يلتف الناس حولها، قناعة فكرية أو مصلحة، ولا قيادات برلمانية تطمئن الناس لتبنيها قضاياها ولا قيادات نقابية ولا حتى قادة رأي.
لن يبرز قادة وآليات إدارة النخبة تتم بهذه الطرق خاصة من خلال ما يسمى الدوائر المغلقة للنخبة، والتي تفضل الولاء على الكفاءة والاختيار العصبي على التنافس وهو ما يعطي دائما موظفين سلطويين يعولون على علاقات الولاء لا على كفاءتهم ولا على أي صفة تمثيلية للمجتمع ولا على أي قدرة على خدمة الدولة والناس. الكثير من مكونات النخبة فاسدة لأنها نخب سلطوية لا قيادية والسلطة لا تريد إنتاج المجتمع لقيادات مهددة لوجودها.