Nadjib Belhimer
· لم تجد السلطة ما تقوله للجزائريين في الذكرى الأولى لانتخابات 12 ديسمبر 2019 سوى دعوتهم، على لسان عبد العزيز جراد، إلى حل « المشاكل الداخلية بيننا لإيجاد أحسن طريق للخروج من هذه الأزمة ومحاولات استهداف الوطن ».هكذا يكون الاعتراف الرسمي بأن البلاد في أزمة، ولا علاقة لهذا بقرار ترامب بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية والتطبيع مع إسرائيل، فلطالما قالت السلطة وأبواقها أن قضايا السياسة الخارجية خارج النقاش ولا تعني الجزائريين الذين عليهم أن يسيروا خلف خيارات السلطة.
الأزمة التي يتحدث عنها جراد هي بكل بساطة الفشل الكامل لخيار الانتخابات الذي فرض على الجزائريين بالقوة قبل سنة من الآن، وخلال سنة من تنصيب تبون في منصب الرئاسة، بحجة خطورة الفراغ، تبين أن الفراغ تمكن من مؤسسات الدولة وهو يدفع بها نحو الانهيار، والمفارقة أن الفراغ الذي عجزت عن تجاوزه الانتخابات عاد مجددا بعد غياب شاغل المنصب عن قصر الرئاسة منذ 45 يوما في رحلة علاجية إلى ألمانيا عصفت بالخطاب الرسمي وكشفت هشاشة السلطة وعجزها.من أولويات الحكم حماية مصالح الدولة والدفاع عنها من المخاطر، ولم يخبرنا التاريخ أبدا عن وجود عالم بدون مخاطر منذ وجود الإنسان، ولهذا كانت الشعوب، في الدول التي تحتكم إلى الإرادة الشعبية، تحاسب الحكام وتعزلهم بحسب أدائهم وقدرتهم على حماية المصلحة الوطنية والأمن القومي، لكن في حالة أنظمة الاستبداد تتحول المخاطر والتحديات إلى بعبع لتخويف الشعوب ودفعها إلى السير خلف حكم يقود البلاد إلى حتفها بعد أن أثبت فشله في أدائه مهمته.
في ذكرى الانتخابات تعترف السلطة بأن الانتخابات فشلت في إنقاذ النظام من مأزقه، وهي تؤكد اليوم بأن هذا الحل الوهمي زاد في إضعاف البلاد، وما قاله جراد ينقض في الجوهر الخطاب الرسمي الذي سوق لأكذوبة أن الجزائريين كانوا مع الانتخابات، وأن السلمية ماتت ولم تعد تمثل إلا شرذمة قليلة تهدد استقرار الوطن وأمنه.فشل الانتخابات كآلية لتجديد النظام وتمديد عمره هو من المكاسب التي حققتها السلمية، وهو من أوضح الدلائل على أن النظام وصل إلى نهايته رغم مظاهر القوة الزائفة التي تختزلها السلطة في عصا الشرطة وقمع الأجهزة الأمنية واستعمال القضاء، ففي مقابل فرض الانتخابات بالقوة لم تجد الحكومة أي حصيلة تقدمها بعد أن قضى الوزراء سنة كاملة في إطلاق التصريحات وممارسة التهريج عبر وسائل الإعلام ليعمقوا الهوة بين السلطة والمجتمع، وليخسروا ما بقي من قواعد لهذا النظام تجندت للمرة الأخيرة قبل عام تحت تأثير الدعاية التي تتخذ من الوطنية الزائفة عنوانا لتبرير استمرار نظام حكم لم يعد لديه ما يقدمه للجزائريين غير وعود بالخراب والضياع.بناء جبهة داخلية قوية لا يكون إلا بتفكيك نظام الفساد والفشل الذي لن تنقذه أي انتخابات قادمة أو مبادرات تطبخ في غفلة من الناس.