Nadjib Belhimer
« بريكس بصيغته الحالية لم يعد يهم الجزائر.. ملف بريكس طوي نهائيا ».. هذا الكلام نقلته جريدة الوطن عن السيد عبد المجيد تبون الذي صرح به في لقاء جمعه بصحافيين قبل يومين.
التصريح يمحو كل تحليلات « الخبراء » وأساتذة الجامعات والصحافيين الذين شرحوا بإسهاب، وعلى مدى شهور، أهمية قرار الانضمام إلى بريكس وآثاره على المكانة الدولية للجزائر، وهي آراء وشروحات واجتهادات جاءت إسنادا لتصريحات المسؤولين، وعلى رأسهم تبون نفسه، بأن الانضمام إلى بريكس سيكون إنجازا كبيرا.
ما قاله تبون يمثل الصفعة الأخيرة لفئة اختارت أن تبرر عدم قبول عضوية الجزائر بأن توسيع المجموعة سيكون تدريجيا وانضمام الجزائر مؤكد في سنة 2024.
جميع الذين تحدثوا عن بريكس وتحمسوا لانضمام الجزائر، من مسؤولين وخبراء وجامعيين وصحافيين قدموا الدليل القاطع أنهم لا يعرفون حقيقة الدوافع التي تقف وراء طلب الانضمام، فما كان بالأمس خيارا استراتيجيا أصبح اليوم خارج دائرة الاهتمام، والأغرب في كل هذا أن يصبح بريكس الموسع غير مهم مع أن طلب العضوية لم يكن إلا جزء من عملية توسيع المجموعة.
هناك درس مهم لأولئك الذين يؤمنون بقداسة السياسة الخارجية وحرمة انتقاد القرارات المتعلقة بها، وما حدث يؤكد غياب الرؤية الواضحة لما يجري في العالم ويعطي الانطباع بأن السياسة الخارجية تخضع لمزاج الأشخاص.
لو كانت وسائل الإعلام حرة في إتاحة المجال لمناقشة كل القضايا بموضوعية، وكانت الجامعة تراعي الحرية الأكاديمية، ومراكز البحث والتفكير ( المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة مثالا) تلعب دورها في إرشاد صانع القرار، وقبل هذا كله وبعده، لو كان صاحب القرار يستمع ويقرأ ويقدر، لما تحولت مسألة مثل طلب عضوية بريكس إلى قضية تكشف غياب الرؤية وقلة الكفاءة في معالجة القضايا الدولية في عالم يتجه إلى مزيد من الاستقطاب وتتعقد مشاكله وتتعدد فيه المخاطر.
لقد صارت هذه القضية خلفنا، وكل المأمول ألا يتكرر ما حدث مع فكرة الانضمام إلى منظمة « شنغهاي » التي بدأت تجذب نفس الثرثارين والمتملقين الذين نفضوا أيديهم من ملف بريكس دون أدنى شعور بالخجل.
سيكون من المفيد أن يستجمع « الخبراء » والدبلوماسيون السابقون الذين يحتكرون تمثيل السياسة الخارجية والصحافيون من أهل الإجماع، ما بقي لهم من شجاعة ويشرحوا لنا ألغاز النيجر قبل أن نفقد رأس الخيط.