الجزائر الجديدة 76
ستولد الجزائر الجديدة التي تبني دولة المؤسسات، عندما تفرض الأمة الجزائرية القطيعة الايبستمولوجية مع نظام العصب والعصبيات والشبكات التي رهنت الدولة ومارست العنف والإقصاء والكراهية.
عصب السلطة لتضمن استمراريتها وربطت خيوطها في الداخل والخارج مع شبكات تتشكل من أجهزة حزبية وجمعوية وأجهزة إعلامية، وشبكات الرأسمالية المتوحشة في الخارج مع الكثير من تجار الأسلحة شرقا وغربا.
كثيرا ما اتفقت عصب السلطة على إخراج ورقة العمالة للخارج لتخوين المعارضة، وفي هذا المجال يمكن القول إن حسين آيت أحمد أخذ حصة الأسد من التخوين، فكثيرا ما كان يتهم دون حياء بكل تهم الخيانة، ووصل الأمر ببعض نواب برلمان السلطة في 97 للمطالبة بإسقاط الجنسية عنه، كما شنت حملة شرسة ضده وضد عبد الحميد مهري وكل الشركاء السياسيين الذين وقعوا على أرضية العقد الوطني، اتهموا فيها بالعمالة للخارج، بل حتى الصحف المفرنسة التي كانت تتاجر بالعلمانية قالت إنهم اجتمعوا في الكنيسة الرومانية للتآمر على الجزائر وعلى الإسلام.
عصب السلطة تتشدق بالوطنية، رغم أن الكثير من المعطيات تؤكد أن كل ما قامت به لا يلتقي لا مع الوطنية بمفهومها الغربي، ولا يرتبط بالوطنية بمفهومها الجزائري في شيء، والأمثلة على هذا قد تتطلب كتابة موسوعة لتوضيح ذلك منذ نشأتها إلى اليوم، ولكن نبقى في حادثتين تعطياننا مؤشرات ذلك.
حادثة أمس وخرجة وزير الدفاع الأسبق خالد نزار من مدينة غربية لا نعرفها بالضبط، في فيديو ذكّر بعض المتابعين بفيديوهات كانت تسرب باسم أمراء الجماعات المسلحة الدولية، كما أن الغريب في خطاب نزار هذا الذي جاء من الخارج، ليس الدعوة لبناء توافق أو عقد وطني لحل الأزمة، بل يدعو العسكريين وبصفته العسكرية كوزير دفاع أسبق للتمرد على قيادة الجيش، في خرجة بينت درجة تفكك عصب النظام التي كانت دائما تتفق عشية كل موعد انتخابي على هوية الرئيس الذي يفرض على الجزائريين والجزائريات، لكن قوة الثورة السلمية منذ 22 فيفري الماضي جعلت هذه العصب تتفكك بسبب وطنية الثورة ووضوح العمق السياسي لمطالبها وميلاد وعي سياسي ووطني كبير، فمنظومة الحكم، بعصبها المتصارعة، أصيبت بالذهول ودخلها الشك والتردد، حيث تعمل كل عصبة على استخدام الثورة لتصفية حساباتها مع العصب الأخرى، كما أصيبت منظومة الحكم بانعدام الحيل البوليسية المعهودة في تفتيت الشارع واحتوائه، لأن منظومة الحكم ألفت التعامل مع الشارع بالعنف، وسلمية الثورة لم تعط للسلطة أي مبرر للتعامل بعنف، لذلك انتقل العنف إلى داخل سرايا الحكم، وأصبحت خطابات العصب فيما بينها حاملة للكثير من العنف والعدمية، عنف رمزي من مؤشراته وصف « العصابة »، و »أذناب العصابة »، و »المنجل »، و »الحمص »… وغيرها من الألفاظ، بالإضافة إلى العنف الرمزي المرتبط بالحملات الإعلامية الموجهة ضد مختلف الشبكات بعناوين العاجل والهام، والتي تصور وتضخم بشكل استعراضي مختلف عمليات الاعتقالات لوجوه نظام بوتفليقة السياسية والعسكرية والإدارية والمالية.
خرجة خالد نزار « عمل عنيف » آخر يُبين عمق الأزمة وتهاوي منظومة حكم كانت تسير البلد كما تسير شبكات المافيا مصالحها المادية ومناطق نفوذها، ولكن في الوقت نفسه كشفت درجة خيانة كبار المسؤولين العسكريين للمؤسسة التي أعطتهم رتبا ومناصب لا يستحقونها ولم يكونوا يحلمون بها، وعرت في الوقت نفسه حكاية الوطنية المزيفة التي كانوا يتشدقون بها لضرب كل معارض نزيه يطالب بالتغيير الجذري لمنظومة الحكم.
خرجة نزار وعلاقاته بشبكات الخارج ليست جديدة، بل ليس سرا القول إن الكثير من عصب وشبكات منظومة الحكم كانت في مقاييس اختيارها الرؤساء، تضع مقياس العلاقة بشبكات الخارج كشرط أساسي في الترشيح، ولذلك فإن ترشيح بوتفليقة سنة 99 تم من هذا المنطلق، بدليل استفادة مختلف شبكات الرأسمالية الخارجية ومنها الفرنسية بالكثير من الأسواق وفي كل المجالات الاقتصادية، وحتى لما بدأت المتاعب الصحية لبوتفليقة، كان ملفه الطبي ملفا فرنسيا عسكريا بامتياز، بل وحتى قرار الإبقاء عليه كمرشح لعهدة رابعة اتخذ في فرنسا، عقب الاجتماع المشهور الذي تم في المصحة الفرنسية « ليزانفاليد » المخصصة للعسكريين، يوم 11جوان 2013 – وهو الحادثة الثانية – اجتماع تم في قاعة المصحة تحت الصورة الرسمية للرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولوند! اجتماع دام أكثر من ساعتين حضره الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال ونائب وزير الدفاع قائد الأركان أحمد قايد صالح، وهذا الاجتماع يُعتبر « خطيئة سياسية فظيعة » من كل النواحي، بل سقوطا أخلاقيا وانهيارا لخطابات الوطنية والمزايدة بها. وشخصيا لم أفهم – إلى اليوم – لماذا لم يتم الاجتماع في إقامة من إقامات الدولة الجزائرية بفرنسا وما أكثرها وما أفخمها؟!
نتيجة ما بعد هذا الاجتماع ظهرت بعد أشهر، وهي استفادة الشركات الفرنسية من أسواق جديدة وتحضيرا لفرض بوتفليقة في عهدة رابعة بمباركة العسكر وعصب النظام والخارجية الفرنسية، وسنة بعد ذلك تحالفات جديدة تمت داخل عصب النظام انتهت بإقالة توفيق مدين تحت ضغط أجنبي نتيجة تبعات حادثة تيقنتورين، ونقص تحمس شبكات توفيق السياسية والإعلامية من الدعاية للعهدة الرابعة.
عصب النظام التي بقيت مؤثرة كانت مستعدة لفرض عهدة خامسة للرئيس، قبل أن تتحرك ثورة الشعب في 22 فيفري، وهي الآن عادت بصراعات وفي كل الاتجاهات، وكل عصبة تحاول اختراق الشارع لصالحها، وكل عص
بة تتهم الأخرى بتوجيه الشارع، غير أن هذه العصب لم تفهم أن هذه الثورة تشبه التسونامي الذي لا يمكن لا توقيفه ولا اختراقه ولا توجيهه ولا تحويل مساره، والنتيجة أن عصب النظام وحتى شبكاتها في الخارج لا زالت تناور ولم تفهم بعد أن صراعات العصب لا يمكن أن ترهن ثورة الشعب الذي قرر أن لا يتوقف حتى يبني دولة المؤسسات التي تدفن – وللأبد – عصب النظام وشبكاتها المافياوية في الخارج، والتي أصبحت تشكل خطرا على الدولة والأمة وتمثل خيانة مؤكدة وموثقة لأمانة الشهداء الأبرار.
الجزائر في 9 أوت 2019
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة
2 comments
Si ils ont l’esprit développé doivent comprendre d’avancer en avant pas de retour en arrière pas de retour a une Monarchie Républicaine comme en France, c’est à dire un seul président qui décide du sort des 40millions d’algériens, c’est fini tous ca le peuple,est réveillé, il faut un président intellectuel connaissant bien l’histoire de toute l’algérie pas seulement celle de Massali et el Emir Abdelkader comme se fut le cas avec l’ex président.
قال الامام الحسن ابن علي » شر الناس من يرى انه خير هم