Nadjib Belhimer

· ستقام صلاة الجمعة مجددا بداية من السادس نوفمبر القادم. القرار سياسي ولا علاقة له بمخاطر انتشار الوباء، فلا أحد يعرف على وجه التحديد ما ستكون عليه الوضعية الوبائية بعد ثلاثة أسابيع من الآن، وتحديد السادس نوفمبر دون غيره له تفسير واحد فقط، وهو أن السلطة تريد أن يتوقف كل شيء من أجل فرض « الدستور » عن طريق استفتاء مشين بدأت ترتسم معالمه الفولكلورية منذ الإعلان عن قرار اختطاف رمزية نوفمبر لأغراض تجديد واجهة نظام يسرع بالبلاد نحو خراب مؤكد.
يعتقد من اختار يوم السادس نوفمبر كتاريخ لاستئناف صلاة الجمعة أن تمرير « الدستور » سيفضي إلى فرض أمر واقع جديد، تماما مثلما اعتقد أن تنصيب رئيس من خلال انتخابات مفروضة ضد إرادة الأغلبية سيخلق واقعا جديدا، وهو أمر كذبته المظاهرات الحاشدة التي خرجت يوم 13 ديسمبر لإعلان رفض سياسة الأمر الواقع والتذكير بأن أزمة الشرعية باقية وتتمدد، ثم كشفت الإخفاقات المتكررة منذ ذلك التاريخ عمق الأزمة التي يعيشها نظام متهالك يراهن على القوة والدعم الخارجي لتعويض قطيعة كاملة مع مجتمع رافض له.يضع النظام لنفسه مواعيد خارج حركة التاريخ، وتزين له فعله أبواق محسوبة على النخبة تريد أن توهم الناس بأن خراب النظام يمكن أن يكون أساسا لبناء جديد ومتين، لكن التجارب القريبة والبعيدة أثبتت بأن سياسة الهروب إلى الأمام لن تكون لها إلا نتيجة واحدة فقط هي رفع كلفة التغيير الذي بات حتمية لا يمكن لنظام متهالك أن يتحاشاها.
هي حرب نفسية تستهدف عزيمة الجزائريين، وتسعى إلى زرع اليأس في نفوسهم، وتدفعهم إلى استقالة جديدة قد تدوم عقودا تنتهي بتفكيك البلد تحت وطأة الرداءة والفساد، لكن الأمل اليوم يأتي من عجز هذا النظام نفسه الذي لم يعد قادرا حتى على إنقاذ الشكليات فانخرط في تحد وقح لمجتمع يدعي تمثيله وقيادته نحو عهد جديد بنفس الوجوه والأحزاب التي صفقت له عندما كان يدمر البلاد وينهبها ويدفع أبناءها إلى التناحر والانقسام طيلة عقود.
فرض « الدستور » سيكون خطوة أخرى نحو حتف النظام، والوعود المضحكة، التي يروج لها المرجفون في هذه الحملة المشينة، ستكون عبئا آخر يثقل كاهل النظام الهرم الذي لم يعد له ما يقدمه للجزائر غير التبشير بالإفلاس والانهيار.لم يوقف « الاستفتاء » حركة التاريخ كما لم تنقذ انتخابات 12/12 النظام من الإفلاس، والجزائريون الذين آمنوا بالتغيير سائرون على طريق مواز من أجل بناء جزائر الحريات بعيدا عن الكذب والتزوير والبهتان، وسيصلي الجزائريون بعيدا عن خطاب الدعاية الذي دنس المنابر وبيوت الله.. وإن غدا لناظره لقريب.