إلى فخامة السّيد رئيس الجمهورية
إلى سعادة السّيد رئيس الحكومة
إلى السّيد وزير الشؤون الدينية
إلى السّيد رئيس المجلس الشعبي الوطني
إلى السّيد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى
إلى السّيد وزير التّعليم العالي
إلى العلميين والمثقّفين الجزائريين
وكل المواطنين ذوي العقل والبصيرة
إذا لم يكن للعلم من قيمة حقيقية في بلادنا
فلنتوقف عن تكوين وتوظيف العلميين والباحثين!
(Pour tout contact: sciencealgerie@gmail.com)
لقد عشنا عيد الفطر هذه السنة وضعا لا يصدق، ولم نكن نتصور يوما أنه سيحدث هذا في الجزائر وفي القرن الواحد والعشرين. فقد أعلن المسئولون وعلى رأسهم وزير الشؤون الدينية، عن عيد الفطر على أساس « رؤية » لهلال لم يكن موجودا في السماء، وكانت الجزائر البلد العربي والإسلامي الوحيد الذي ارتكب مثل هذا الخطأ الجسيم وبطريقة علنية ضاربا عرض الحائط العلم وعقول الناس.
كنا نعتقد، نحن جيل الاستقلال، أن بلادنا قد تميزت بثورتها التاريخية التي قرر الشعب والمسئولون بعد نجاحها، بناء دولة حديثة تقوم على مؤسسات محترمة تسعى نحو التنمية والرقي البشري المتوازي مع التقدم العالمي. وكانت الجزائر -آنذاك- من أهم دول « العالم الثالث » التي أنجزت برنامجا تنمويا كبيرا، ومنه تكوين عشرات الآلاف من الأدمغة في الداخل والخارج على أعلى مستوى وفي شتى المجالات والعلوم ». ونحن على أبواب الدخول الجامعي، الذي يسجل حوالي ـ 1.4 مليون طالب، ألسنا فخورين بهذه النسبة التي تعتبر أعلى نسبة للطلبة (مقارنة مع عدد السكان) في القارة كلها، ناهيك عن عشرات الآلاف من الأساتذة والدكاترة والباحثين، إضافة إلى العديد من مراكز الأبحاث والمخابر… كل ذلك كان جديرا بأن ينعكس على مستوى ونوعية القرارات التي نتخذها في جميع مجالات حياتنا، ولا نتفاجأ في كل مرة بقرارات غريبة مثل الإعلان عن عيد الفطر بناء على « رؤية » هلال غير موجود. صحيح أن مثل هذه الحالات كثيرا مع تحدث في مختلف الدول الإسلامية -للأسف الشديد- ولكن هذه السنة كانت الوقعة شديدة الغرابة; مؤلمة ومخجلة. فالجزائر تستحق أحسن بكثير من أن تتصرف كبلد عشوائي في قراراته لا يمت بصلة للعلم، غير آبه بكل المجهود الإنساني.
إهانة للعلم وللعقل
لقد قررت لجنة، يرأسها وزير الشؤون الدينية شخصيا، وأعلنت أمام ملايين المشاهدين (من داخل وخارج الجزائر) أمرا معاديا للحقيقة العلمية بشكل صارخ، رغم أن الحقائق كانت قد أبلغت لهؤلاء المسئولين، من طرف العلميين ومن طرف مؤسسة علمية رسمية، هي مركز الأبحاث في علم الفلك وفيزياء الفلك والجيوفيزياء، ومما زاد الطين بلة أن هذا المركز كان ممثلا في اللجنة، وهو نفس المركز الذي يقدم للوزارة وللمواطنين مواقيت الصلاة على مدار السنة ويقبلها الجميع! ناهيك عن عدد من الخبراء من الجزائر ومن خارجها الذين كانوا قد صرحوا في الصحف; أن الهلال لن يكون موجودا في النصف الشمالي من الجزائر والعالم الإسلامي، وأن رؤيته لن تكون ممكنة في النصف الجنوبي نظرا للفترة القصيرة التي يمكثها في السماء.
ولكننا لا نريد أن يسيء البعض فهم المشكلة: إن الأمر يتعدى كثيرا كوننا أفطرنا يوم الثلاثاء أو الأربعاء. فكما هو مشروح في الملحق القصير أسفل هذه الرسالة، كان بالإمكان الإفطار يوم الثلاثاء على أساس منهجية فقهية سليمة ومحكمة، كما فعلت بعض الدول الأخرى. المشكلة هي في الانسجام مع الحقائق وإتباع منهجية معقولة ومحترمة، متوائمة مع ما يقوله العلم والعلميون في الجزائر وفي العالم، فحتى المملكة العربية السعودية، التي أعلنت عن عيد الفطر ليوم الثلاثاء 30 أوت على أساس « رؤية » للهلال، لم تتجرأ وتقبل شهادات من أماكن كان القمر يغرب فيها قبل الشمس. بل إن محكمتها العليا (المسئولة عن هذه الإعلانات) المشكلة من فقهاء، والذين ليست لهم دراية كبيرة بعلم الفلك; قالت أن الهلال يغرب ولو بدقيقة من الممكن أن يكون الذين رأوه من الذين منّ الله عليهم بحده عالية في البصر.
ورغم أن هذا التحليل خاطئ علميا -كما يعلم الأخصائيون- إلا أننا نسجل على الأقل محاولة للانسجام وعدم الوقوع في أخطاء غير منطقية، كأن يكون الهلال غير موجود في السماء، ونقوم برصده ثم نقول أنه تمت رؤيته.
لقد ارتكبنا ما هو أسوء من العالم الإسلامي بأسره. لقد صرحنا بحدوث معجزة: هلال يرى من تحت الأرض وفي ولايتين مختلفتين! لقد صارت الجزائر في مؤخرة الدول، وصرنا محل سخرية من الآخرين بعد أن كنا قادة العالم العربي والإسلامي في العديد من المجالات والأصعدة، وهذا التحول لا نقبل به إطلاقا!
ما نطالب به
جب تشكيل لجنة تحقيق للبحث في ارتكاب هذا الخطأ الجسيم. هل كان الخبراء الذي قدموا معلوماتهم وأشاروا على الوزارة، بما في ذلك مركز الأبحاث المذكور أعلاه، على خطأ، وفي تلك الحالة يجب أن يعاقبوا على تشويشهم على الأمة، أم أن علمهم لا يوثق فيه، وفي هذه الحالة يجب التصريح بذلك، فلا تقبل مواقيت الصلاة المعتمدة حاليا، بل فلتغلق الجامعات ومراكز الأبحاث تلك!
ولكن، في المقابل، إذا وجد أن لجنة الأهلة، بقيادة وزير الشؤون الدينية، أظهرت عدم الكفاءة واللامبالاة بقبول « رؤية » هلال غير موجود ضاربة بآراء الخبراء عرض الحائط، فيجب أن تستخلص النتائج وتتخذ الإجراءات اللازمة. فهذا النوع من العبث يمس بمصداقية الدولة ومسؤوليتها أمام الشعب والتاريخ، إذ هكذا يسمح بخرق المبادئ التي وعد المسئولون باحترامها وتنفيذها، والتي منها وضع مؤسسات حديثة جديرة بالاعتزاز والسعي جاهدين نحو التنمية البشرية والرقي.
إن لجنة تحقيق كهذه، يجب أن تكون منصفة ومكونة من شخصيات ذات مصداقية ومتخصصة، يجب أن تصل إلى نتائج واضحة وتوصي بمسلك يجنبنا مثل هذه الأخطاء في المستقبل.
أما بدون هذه المراجعة، والتي ستشرف الجزائر، (كما فعلت عمان منذ بضع سنوات)، فإننا نحن العلميون والأخصائيون المعترف لهم بالخبرة والمصداقية في علوم الفلك والفيزياء، نقول أولا وبصوت عال أننا لسنا مسئولين أبدا عن هذه الحالة المهينة والمخجلة، وثانيا أننا نرفض اعتماد هذه المنهجية الخاطئة، وعليه فسنرفض في المستقبل التعاون مع هذه الهيئات بأي طريقة كانت بل ننادي كل زملائنا باتخاذ نفس الموقف، حتى يعود الكل إلى العقل والى الحق.
ملحق: الخيارات المعقولة التي كانت مطروحة ليلة التاسع والعشرين
أولا لنلخص سريعا الحقائق الفلكية بالنسبة لليلة التاسع والعشرين (رمضان وأوت). في النصف الشمالي من الجزائر والعالم الإسلامي، كان القمر يغرب قبل الشمس. وفي الجزء الجنوبي من الجزائر (تحت غرداية تقريبا) والعالم الإسلامي، كان القمر يغرب بمدد جد قصيرة (أقل من 20 دقيقة، والرقم القياسي العالمي بالعين المجردة هو 29 دقيقة وبالتلسكوب هو 20 دقيقة) لا تسمح برؤيته. لم تكن الرؤية ممكنة بالتلسكوب إلا في الجزء الأكثر جنوبا من إفريقيا، وبالعين المجردة فقط في أقصى جنوب القارة الأمريكية.
وعليه، فلقد كانت للفقهاء ثلاث خيارات معقولة علميا ودينيا:
1- الأخذ بوجود الهلال (لا برؤيته) في السماء على ارتفاع معيّن هنا أو هناك والتقرير بدخول الشهر (شوال) مباشرة (أي يوم 30)، وهو المبدأ الذي تسير عليه تركيا وماليزيا وغيرهما من الدول الإسلامية؛
2- القبول بإمكانية الرؤية فقط في جنوب إفريقيا أو جنوب القارة الأمريكية، وعدم انتظار تحقق تلك الرؤية (بسبب الفارق الزمني بيننا وبين القارة الأمريكية)، والتقرير بدخول الشهر يوم ، 30وهو ما اعتمده المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، رغم أنه لم يصرح علنا بأنه يبني على إمكانية الرؤية فقط لا على تحققها؛
3- الإصرار على الرؤية والشهادة محليا (كما تفعل كثير من الدول) وحينها لا يكون العيد إلا يوم 31 أوت، وهو ما أعلنته عمان (بشكل جد حضاري) أكثر من أسبوع قبل الموعد.
أما الجزائر، فقد اختارت « طريقا رابعا » لا ينسجم مع أي علم…
قائمة أولية من الموقعين للرسالة المفتوحة
سنقوم بتحديث القائمة على الموقع دوريا كلما تصلنا توقيعات جديدة على الرابط التالي:
https://sites.google.com/site/sciencealgerie
Pour tout contact: sciencealgerie@gmail.com
jamal.mimouni@gmail.com, nguessoum@aus.edu
– Prof .Jamal Mimouni, Université de Constantine, Coordonnateur de l’Ecole Doctorale d’Astrophysique, Vice Président de l’Union Arabe d’Astronomie et des Sciences de l’Espace.
– Prof.Nidhal Guessoum, Astrophysicien, American University of Sharjah, Vice Président ICOP, anciennement Directeur de l’Institut de Physique, Univ. de Blida
– Prof. Abdelhamid Bouldjedri, Directeur de Laboratoire, Univ. de Batna, Responsable scientifique du Projet de l’Observatoire des Aurès.
– Dr. Nassim Seghouani, Chef du Département Astronomie & Astrophysique du CRAAG
– Dr. Toufik Abdelatif, Astrophysicien, Directeur de Recherche, Président du Conseil Scientifique du CRAAG, Alger
– Prof. Réda Attallah, Astrophysicien, Directeur de Recherche, Université de Annaba
– Dr.Ilias Fernini, Professor of Physics and Astronomy, Univ of Emirates, UAE.
– Dr. Karim Méziane, Astrophysicien, University of New Brunswick, Canada
– Prof Hacène Hachemi, Astrophysicien, responsable du Master Sciences de l’Espace, Université de Sétif
– Prof.Noureddine Mebarki, Directeur de Labo de Physique Subatomique, Univ. de Constantine
– Dr.Amel Ait El-Djoudi, Physicienne Théoricienne; ENS de Kouba, Alger
– Dr. Toufik A. Mostefaoui, Astrophysicien, Université de Béjaïa
– Prof. Achour Benslama, Directeur de Recherche en Physique Théorique, Univ.de Constantine
– Prof. Moulay Said, Directeur de Recherche en Mathématique, Univ. de Bab Ezzouar, Alger
– Dr Zitouni Hannachi, Astrophysicien, Université de Médéa
على كل من يؤيد هذه الرسالة المفتوحة أن يتصل بنا لإضافة اسمه على القائمة وذلك على البريد التالي:
sciencealgerie@gmail.com
موضحا وظيفته والمؤسسة التي يعمل بها
==================================================