مصطفى هميسي
دار هومه
2011
Mardi 20 Septembre 2011
In lanation.info
تقديم لكتاب » من بربروس إلى بوتفليقة كيف تحكم الجزائر؟ » لمؤلفه الكاتب والإعلامي مصطفى هميسي.
كتاب: » من بربروس إلى بوتفليقة .. كيف تحكم الجزائر؟ » هو عمل إعلامي موسع تحول لمحاولة للرد على علامات استفهام كثيرة مطروحة بين الجزائريين حول ما الذي ينبغي إصلاحه ومن أين نبدأ؟ لقد ازدادت هذه التساؤلات إلحاحا مع ثورات الاحتجاج العربية ومحاولات إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الحكم والناس في مختلف هذه البلدان.
وقد رأت هذه المحاولة أن الإجابة على هذه التساؤلات لا بد أن تنطلق من فهم » النظام القائم » وآليات عمله. وهو ما دفع الكاتب إلى البحث عن جذور موضوعية تاريخية لهذا » النظام ».
وقد وضح الكاتب في مقدمة كتابه المنطلقات المنهجية التي اعتمدها والغايات التي حددها لمحاولته ثم وضح في الخلاصة التي وضعها ما توصل إليه من استنتاجات.
ولهذا فإن دار النشر هومة تضع بين أيديكم هذا العرض لمحتوى الكتاب الذي سيصدر يوم 21 سبتمبر الجاري انطلاقا مما ورد في مقدمته وخاتمته.
ولهل أهم ما ورد في مقدمة الكتاب ما يلي:
« .. نحن الآن في مطلع العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين وما زال تساؤل يشغل الكثير من النخب ومن الناس في الجزائر : لماذا تحكم الجزائر بهذه الطريقة ؟ هل هو اختيار النخبة الحاكمة أم هي حال موضوعية ؟ التساؤل ازداد حدة وإلحاحا مع الثورات التي شهدتها البلدان العربية، وأظهر شيئا كان معلوما في الواقع، وهو أن أنظمة ما بعد الكولونيالية متشابهة في الكثير من أوجهها.
محاولة التوصل إلى إجابة لهذا التساؤل تحولت إلى عمل إعلامي واسع يتخذ التحقيق في أبعاد مختلفة، متنوعة ومتعددة أسلوبا ومنهجية. وقد انتهى التحقيق إلىالتوليف بين شيء من التمعن في التاريخ وشيء من التمعن في علم الاجتماع وفي علم الاجتماع السياسي وعلم السياسة، وفي علوم أخرى كلما دعت الحاجة، وشيء من الدراسات والتحليلات والكتابات عن الدولة وعن الظاهرة العسكرية، وعن المؤسسات والأجهزة التي أقامتها النخبة لتسيير » الدولة » الجزائرية، كما تم التوقف عند الكثير من المعايشات والمشاهدات.
تقديم لكتاب » من بربروس إلى بوتفليقة كيف تحكم الجزائر؟ » لمؤلفه الكاتب والإعلامي مصطفى هميسي.
كتاب: » من بربروس إلى بوتفليقة .. كيف تحكم الجزائر؟ » هو عمل إعلامي موسع تحول لمحاولة للرد على علامات استفهام كثيرة مطروحة بين الجزائريين حول ما الذي ينبغي إصلاحه ومن أين نبدأ؟ لقد ازدادت هذه التساؤلات إلحاحا مع ثورات الاحتجاج العربية ومحاولات إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الحكم والناس في مختلف هذه البلدان.
وقد رأت هذه المحاولة أن الإجابة على هذه التساؤلات لا بد أن تنطلق من فهم » النظام القائم » وآليات عمله. وهو ما دفع الكاتب إلى البحث عن جذور موضوعية تاريخية لهذا » النظام ».
وقد وضح الكاتب في مقدمة كتابه المنطلقات المنهجية التي اعتمدها والغايات التي حددها لمحاولته ثم وضح في الخلاصة التي وضعها ما توصل إليه من استنتاجات.
ولهذا فإن دار النشر هومة تضع بين أيديكم هذا العرض لمحتوى الكتاب الذي سيصدر يوم 21 سبتمبر الجاري انطلاقا مما ورد في مقدمته وخاتمته.
ولهل أهم ما ورد في مقدمة الكتاب ما يلي:
« .. نحن الآن في مطلع العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين وما زال تساؤل يشغل الكثير من النخب ومن الناس في الجزائر : لماذا تحكم الجزائر بهذه الطريقة ؟ هل هو اختيار النخبة الحاكمة أم هي حال موضوعية ؟ التساؤل ازداد حدة وإلحاحا مع الثورات التي شهدتها البلدان العربية، وأظهر شيئا كان معلوما في الواقع، وهو أن أنظمة ما بعد الكولونيالية متشابهة في الكثير من أوجهها.
وشيئا فشيئا جاء سؤال محير : لكن لماذا جاءت طبيعة الدولة والنظام السياسي في الجزائر على الشكل الذي أتت عليه ؟ هل كان يمكن أن تكون على غير ما أتت عليه ؟ كيف يمكن فهم العوامل والظروف التي أنتجتها، والعوامل التي تمكن نظام إدارتها من الاستمرار ؟
ولكن، هل ثمة » نموذج » محدد للدولة كان ينبغي على الجزائريين إقامة دولتهم على أساسه ؟ وإن وُجد ما هي مواصفاته ؟ أم أن النموذج غير موجود وغيابه في حد ذاته مشكلة ؟ وقاد ذلك إلى تساؤلات أخرى : أي دولة بناها الجزائريون بعد الاستقلال ؟ وكيف أتت مؤسساتها، وما هي طبيعة العلاقة بين تلك المؤسسات، وذلك ما سمّيته الترتيب المؤسساتي ؟…
وتبعا لذلك جاءت تساؤلات أخرى كثيرة : هل تجد الأزمة التي عاشتها الجزائر في عشرية التسعينيات تفسيراً لها في طبيعة النظام السياسي وما أخذ به من آليات إدارة ؟ وهل الأزمة هي أزمة سياسات أم أزمة مؤسسات ؟
لقد ذهب البعض إلى القول إن الدولة متأزمة، وقال آخر إن سبب الأزمة هو التخلي عن سياسات، وهو عدم الوفاء بالتزامات، وقال غيرهما إن الأزمة ناجمة عن آليات إدارة الدولة، حيث انتهت فترة فعالية تلك الآليات وصلاحيتها وينبغي إصلاحها أو التخلي عنها كلية. أما غيرهم فقد ذهب بتساؤلاته إلى حد التشكيك ورأى أن المشكلة في غياب « الدولة » ؟
ويوضح الكاتب محتوى مؤلفه بالشكل التالي: جاءت هذه المحاولة على هذا الشكل؛ فبعد مراجعة نظرية سريعة للمفاهيم والإشكاليات، ومنها خاصة المنهج الخلدوني، تم البحث في ما يمكن أن نعتبره استمرارية ومرجعية تاريخية، من الحكم التركي العثماني، كونه أول تحول تاريخي هام في قيام نظام حكم مؤسس على عوامل جديدة ومختلفة عن الدول التي سبقته، وكانت محاولة إيجاد إجابة لـ : لماذا قام هذا الشكل من الحكم ؟ ولماذا هذا الفصل قبل الانفصال الواضح بين المجتمع وتركيبته وسوسيولوجيته وبين قمة الهرم فيه. ثم كان التوقف عند الإدارة الاستعمارية باعتبارها حالة انقطاع حاد بين المجتمع وحكم يستند إلى وعاء ثقافي آخر ومرجعية قانونية غريبة وإلى مبرر أيديولوجي استعماري في نظام العلاقة مع المجتمع.
بعد ذلك تبلورت خلاصة عامة عن تعاطي النخبة الجزائرية في مراحل مختلفة مع موضوع الدولة، وقسَّمتُ مرحلة ما قبل الاستقلال إلى قسمين :
القسم الأول؛ عنونه الكاتب بـ « الدولة الحلم » باعتبار أن المحاولة تلمست بالخصوص ما شكلته النخبة الجزائرية إبان نضالها السياسي من رؤى، وما أخذت به من أفكار عن » الدولة ». أما القسم الثاني، فيتوقف عند وثائق أنتجتها هذه النخبة ابتداء من بيان أول نوفمبر ووصولا إلى الثورة و » نظام جبهة التحرير »، وقد حمل هذا القسم عنوان « الدولة المشروع ».
أما مرحلة الاستقلال فقد قسمها منهجيا إلى قسمين أساسيين : القسم الأول حاول معالجة التجربة الأولى في الحكم وفي » بناء الدولة »، وأطلق عليها وصف » الدولة الجهاز » ورأى أن هذا الوصف هو الأقرب لحقيقة الأنماط التي اعتُمدت في إدارة شؤون الدولة وممارسة الحكم. أما القسم الثاني فقد اعتبر أن وصف » الدولة الأزمات » هو الذي ينطبق على فترات كثيرة فيه من حياة الدولة. ولم يقتصر الأمر على مرحلة بعينها، حتى وإن تم التركيز أكثر على مرحلة ما بعد أكتوبر 1988، إذ توصل التحقيق إلى كم هائل من الكتابات ومن الروايات عما يمكن تسميته أزمات « نظام جبهة التحرير »، أي من 1954 إلى 1988، ثم بعد ذلك مرحلة الخروج من هذا النظام، وهي مرحلة محاولة الإصلاح ثم مرحلة العودة إلى »المركزة الضيقة » والأحادية الجديدة، وأخيراً تم التوقف عند ما ينبغي استنتاجه وما وصلت إليه آليات الإدارة من خلال محور « أجهزة بلا هوية ».
وأوضح الكاتب أن هذه المحاولة مالت من ناحية الموضوع إلى التركيز على المسألة المؤسساتية (la question institutionnelle ) انطلاقا من فرضية أساسية هي أن المشكلة قد تكمن في ما أسماه الترتيب المؤسساتي وآليات الإدارة. أي فرضية أن الأزمة هي أزمة مؤسسات وليست فقط أزمة سياسات.
أما من الناحية المنهجية فقد مالت المحاولة، أحيانا، إلى الانطلاق من جملة مسائل وفرضيات واعتبارها وكأنها مسلّمات، وذلك يعود لاعتماد خلاصة ترجيحية مالت إليها دراسات كثيرة، أو يعود أحياناً لموقف وترجيح ذاتي عندما يصعب التأكيد.
وأكد الكاتب أخيرا أن مؤلفه محاولة » تفكيك » (déconstruction) ، بالمعاني التي يعطيها ديريدا (jacques Derrida ) للكلمة، وبالتالي فهي محاولة فهم وتفسير وليست عملية نقد بالمعنى العلمي للكلمة.
وشيئا فشيئا جاء سؤال محير : لكن لماذا جاءت طبيعة الدولة والنظام السياسي في الجزائر على الشكل الذي أتت عليه ؟ هل كان يمكن أن تكون على غير ما أتت عليه ؟ كيف يمكن فهم العوامل والظروف التي أنتجتها، والعوامل التي تمكن نظام إدارتها من الاستمرار ؟
ولكن، هل ثمة » نموذج » محدد للدولة كان ينبغي على الجزائريين إقامة دولتهم على أساسه ؟ وإن وُجد ما هي مواصفاته ؟ أم أن النموذج غير موجود وغيابه في حد ذاته مشكلة ؟ وقاد ذلك إلى تساؤلات أخرى : أي دولة بناها الجزائريون بعد الاستقلال ؟ وكيف أتت مؤسساتها، وما هي طبيعة العلاقة بين تلك المؤسسات، وذلك ما سمّيته الترتيب المؤسساتي ؟…
وتبعا لذلك جاءت تساؤلات أخرى كثيرة : هل تجد الأزمة التي عاشتها الجزائر في عشرية التسعينيات تفسيراً لها في طبيعة النظام السياسي وما أخذ به من آليات إدارة ؟ وهل الأزمة هي أزمة سياسات أم أزمة مؤسسات ؟
لقد ذهب البعض إلى القول إن الدولة متأزمة، وقال آخر إن سبب الأزمة هو التخلي عن سياسات، وهو عدم الوفاء بالتزامات، وقال غيرهما إن الأزمة ناجمة عن آليات إدارة الدولة، حيث انتهت فترة فعالية تلك الآليات وصلاحيتها وينبغي إصلاحها أو التخلي عنها كلية. أما غيرهم فقد ذهب بتساؤلاته إلى حد التشكيك ورأى أن المشكلة في غياب « الدولة » ؟
ويوضح الكاتب محتوى مؤلفه بالشكل التالي: جاءت هذه المحاولة على هذا الشكل؛ فبعد مراجعة نظرية سريعة للمفاهيم والإشكاليات، ومنها خاصة المنهج الخلدوني، تم البحث في ما يمكن أن نعتبره استمرارية ومرجعية تاريخية، من الحكم التركي العثماني، كونه أول تحول تاريخي هام في قيام نظام حكم مؤسس على عوامل جديدة ومختلفة عن الدول التي سبقته، وكانت محاولة إيجاد إجابة لـ : لماذا قام هذا الشكل من الحكم ؟ ولماذا هذا الفصل قبل الانفصال الواضح بين المجتمع وتركيبته وسوسيولوجيته وبين قمة الهرم فيه. ثم كان التوقف عند الإدارة الاستعمارية باعتبارها حالة انقطاع حاد بين المجتمع وحكم يستند إلى وعاء ثقافي آخر ومرجعية قانونية غريبة وإلى مبرر أيديولوجي استعماري في نظام العلاقة مع المجتمع.
بعد ذلك تبلورت خلاصة عامة عن تعاطي النخبة الجزائرية في مراحل مختلفة مع موضوع الدولة، وقسَّمتُ مرحلة ما قبل الاستقلال إلى قسمين :
القسم الأول؛ عنونه الكاتب بـ « الدولة الحلم » باعتبار أن المحاولة تلمست بالخصوص ما شكلته النخبة الجزائرية إبان نضالها السياسي من رؤى، وما أخذت به من أفكار عن » الدولة ». أما القسم الثاني، فيتوقف عند وثائق أنتجتها هذه النخبة ابتداء من بيان أول نوفمبر ووصولا إلى الثورة و » نظام جبهة التحرير »، وقد حمل هذا القسم عنوان « الدولة المشروع ».
أما مرحلة الاستقلال فقد قسمها منهجيا إلى قسمين أساسيين : القسم الأول حاول معالجة التجربة الأولى في الحكم وفي » بناء الدولة »، وأطلق عليها وصف » الدولة الجهاز » ورأى أن هذا الوصف هو الأقرب لحقيقة الأنماط التي اعتُمدت في إدارة شؤون الدولة وممارسة الحكم. أما القسم الثاني فقد اعتبر أن وصف » الدولة الأزمات » هو الذي ينطبق على فترات كثيرة فيه من حياة الدولة. ولم يقتصر الأمر على مرحلة بعينها، حتى وإن تم التركيز أكثر على مرحلة ما بعد أكتوبر 1988، إذ توصل التحقيق إلى كم هائل من الكتابات ومن الروايات عما يمكن تسميته أزمات « نظام جبهة التحرير »، أي من 1954 إلى 1988، ثم بعد ذلك مرحلة الخروج من هذا النظام، وهي مرحلة محاولة الإصلاح ثم مرحلة العودة إلى »المركزة الضيقة » والأحادية الجديدة، وأخيراً تم التوقف عند ما ينبغي استنتاجه وما وصلت إليه آليات الإدارة من خلال محور « أجهزة بلا هوية ».
وأوضح الكاتب أن هذه المحاولة مالت من ناحية الموضوع إلى التركيز على المسألة المؤسساتية (la question institutionnelle ) انطلاقا من فرضية أساسية هي أن المشكلة قد تكمن في ما أسماه الترتيب المؤسساتي وآليات الإدارة. أي فرضية أن الأزمة هي أزمة مؤسسات وليست فقط أزمة سياسات.
أما من الناحية المنهجية فقد مالت المحاولة، أحيانا، إلى الانطلاق من جملة مسائل وفرضيات واعتبارها وكأنها مسلّمات، وذلك يعود لاعتماد خلاصة ترجيحية مالت إليها دراسات كثيرة، أو يعود أحياناً لموقف وترجيح ذاتي عندما يصعب التأكيد.
وأكد الكاتب أخيرا أن مؤلفه محاولة » تفكيك » (déconstruction) ، بالمعاني التي يعطيها ديريدا (jacques Derrida ) للكلمة، وبالتالي فهي محاولة فهم وتفسير وليست عملية نقد بالمعنى العلمي للكلمة.
وإذا كانت هذه صورة عن محتوى هذا الكتاب فإن الخلاصات التي توصل إليها الكاتب لخصها بالشكل التالي:
أوضح الكاتب أنه تم الانحياز، في هذه المحاولة، بشكل إرادي للمسألة المؤسساتية لعدة اعتبارات، منها أن الدولة في حياة مجتمعاتنا، قديما وحديثا، هي صاحبة الدور الأساسي في إدارة شؤون المجتمع وهي التي تستحوذ على مقدرات المجتمع المختلفة، البشرية والمادية، فهي التي « توظف » قبل غيرها، وهي التي تستحوذ على الثروة وهي التي تستحوذ على القهر وهي التي بيدها قيادة المجتمع.
ثم أوضح أن هذه المحاولة تعمدت، عزل مسألة الدولة المؤسسات وتركيز التفكير فيها، حتى وإن لم تهمل، متى كان ذلك ضروريا التحليل السوسيولوجي أو التحليل السياسي، باعتباره يقدم مفاتيح لفهم بعض من المدخلات والتي قد تفسر بعضا من التصرفات وأشكال الإدارة.
وسجل الكاتب أن الجزائر عرفت ثلاثة أنظمة وإدارة استعمارية. كان الأول النظام السياسي في عهد الدايات، وقد كان، كما وضحنا نظاما عسكريا قائما على ألوان من التحالفات السوسيولوجية، بمنطق مخزني. ورأينا كيف أدار التناقضات وتدافع المصالح بتقنية الوساطة والوكالة، وكيف استخدم سياسة فرق تسد واستخدم القوة لقمع كل تذمر أو تمرد عليه. وجاءت الإدارة الاستعمارية وأخذت بشيء من تقنيات التسيير » المخزني » قبل أن تعوضه بنظام بيروقراطي واسع الصلاحيات وعمقت تقنية فرق تسد. ورأينا كيف أضافت الإدارة الاستعمارية فكرة التقنين، أي وضع قانون لكل شيء بما في ذلك قوانين تعد عارا انطلاقا من » ثقافة » الدولة الفرنسية، مثل قانون الأهالي (le code de l’indigénat )، ترجمت بوضوح في آليات الإدارة التي وضعتها وطبيعة العلاقة التي أقامتها مع الجزائريين.
وأخيرا النظام السياسي الذي قام بعد الاستقلال. والذي اعتبرناه في هذه المحاولة محصلة تفاعلية، منهجيا ومنطقيا، لكل ما سبقه.
وسجل الكاتب في خلاصة الكتاب التطابق حينا والتشابه الكبير حينا آخر في طبيعة العلاقة القائمة بين الناس وبين الدولة، في الحالات الثلاث التي توقفنا عندها بشيء من التمعن هو أمر مثير للاهتمام وقد يكون مثيرا للجدل.
نقطة الالتقاء الأولى هي الانفصال الملحوظ بين المجتمع والدولة التي تسيره. وهي دولة خارجية، على اختلاف الظروف، بين الحالتين الأولين، وهي محلية في الحالة الأخيرة.
إنها الثنائية السوسيولوجية المستمرة، أتراك وكراغلة لهم الأفضلية في كل شيء، ومحليون يحكمون بالإكراه. وهي رياس البحر والإنكشارية والمخزن، وهي عسكر ورجال دين، مقابل مجتمع غير مهيكل وحرم من أدوات الفعل ومن أدوات الاستقلال وإبراز نخبه.
والثانية أيام الاستعمار واضحة أيضا، أوروبيون، كولون لهم كل الحقوق، وسكان محليون » أنديجان » محرومون من كل شيء. وهي أيضا جيش ومخزن جديد، قومية أو قياد أو حركة أو مهما كانت التسمية، مقابل مجتمع غير مهيكل ومحروم من التعليم ومن الثروة ومن الحرية. وهي أخيرا إدارة وعسكر ورجال دين تتقاسم النفوذ في إدارة العلاقة مع الناس.
ويمكن أن نرى أوجه التشابه وأحيانا أوجه التطابق بين الحكم في العهد التركي وبين الاحتلال في : سياسة فرق تسد، والعلاقة بالوساطة والوكالة.
لقد رأينا بوضوح كامل استخدام آلية الوساطة في العلاقة بين الدولة والمجتمع. وأن الذي يرتب هذه الوساطة هي السلطة.
أيام الأتراك كان المخزن والقياد والأغوات والأمناء ورجال الدين هم الأداة الأساسية للوساطة.
وأيام الاحتلال ظل القياد والباشاغوات والقومية والحركة وبعض رجال الدين خاصة من الطرقية، أو لنقل بعض الزوايا، إضافة للعامل الجديد القديم وهو الإدارة البايليك، هم أداة الوساطة.
أما في دولة الجزائريين فإن الوساطة هي ما يمكن أن نسميه مجموعات المخزن الجديد، بيروقراطيات إدارية وسياسية ومدنية، وهي أيضا رجال دين، رجال دين رسميون أو ممثلو الطرقية والزوايا، ومجموعات تسطو على وظائف السياسي والمدني وتعمل أحيانا بتقنية العصب ـ بتعبير رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش ـ يربطها الولاء بصاحب نفوذ أو مجموعة سلطوية.
وإذا كانت هذه صورة عن محتوى هذا الكتاب فإن الخلاصات التي توصل إليها الكاتب لخصها بالشكل التالي:
أوضح الكاتب أنه تم الانحياز، في هذه المحاولة، بشكل إرادي للمسألة المؤسساتية لعدة اعتبارات، منها أن الدولة في حياة مجتمعاتنا، قديما وحديثا، هي صاحبة الدور الأساسي في إدارة شؤون المجتمع وهي التي تستحوذ على مقدرات المجتمع المختلفة، البشرية والمادية، فهي التي « توظف » قبل غيرها، وهي التي تستحوذ على الثروة وهي التي تستحوذ على القهر وهي التي بيدها قيادة المجتمع.
ثم أوضح أن هذه المحاولة تعمدت، عزل مسألة الدولة المؤسسات وتركيز التفكير فيها، حتى وإن لم تهمل، متى كان ذلك ضروريا التحليل السوسيولوجي أو التحليل السياسي، باعتباره يقدم مفاتيح لفهم بعض من المدخلات والتي قد تفسر بعضا من التصرفات وأشكال الإدارة.
وسجل الكاتب أن الجزائر عرفت ثلاثة أنظمة وإدارة استعمارية. كان الأول النظام السياسي في عهد الدايات، وقد كان، كما وضحنا نظاما عسكريا قائما على ألوان من التحالفات السوسيولوجية، بمنطق مخزني. ورأينا كيف أدار التناقضات وتدافع المصالح بتقنية الوساطة والوكالة، وكيف استخدم سياسة فرق تسد واستخدم القوة لقمع كل تذمر أو تمرد عليه. وجاءت الإدارة الاستعمارية وأخذت بشيء من تقنيات التسيير » المخزني » قبل أن تعوضه بنظام بيروقراطي واسع الصلاحيات وعمقت تقنية فرق تسد. ورأينا كيف أضافت الإدارة الاستعمارية فكرة التقنين، أي وضع قانون لكل شيء بما في ذلك قوانين تعد عارا انطلاقا من » ثقافة » الدولة الفرنسية، مثل قانون الأهالي (le code de l’indigénat )، ترجمت بوضوح في آليات الإدارة التي وضعتها وطبيعة العلاقة التي أقامتها مع الجزائريين.
وأخيرا النظام السياسي الذي قام بعد الاستقلال. والذي اعتبرناه في هذه المحاولة محصلة تفاعلية، منهجيا ومنطقيا، لكل ما سبقه.
وسجل الكاتب في خلاصة الكتاب التطابق حينا والتشابه الكبير حينا آخر في طبيعة العلاقة القائمة بين الناس وبين الدولة، في الحالات الثلاث التي توقفنا عندها بشيء من التمعن هو أمر مثير للاهتمام وقد يكون مثيرا للجدل.
نقطة الالتقاء الأولى هي الانفصال الملحوظ بين المجتمع والدولة التي تسيره. وهي دولة خارجية، على اختلاف الظروف، بين الحالتين الأولين، وهي محلية في الحالة الأخيرة.
إنها الثنائية السوسيولوجية المستمرة، أتراك وكراغلة لهم الأفضلية في كل شيء، ومحليون يحكمون بالإكراه. وهي رياس البحر والإنكشارية والمخزن، وهي عسكر ورجال دين، مقابل مجتمع غير مهيكل وحرم من أدوات الفعل ومن أدوات الاستقلال وإبراز نخبه.
والثانية أيام الاستعمار واضحة أيضا، أوروبيون، كولون لهم كل الحقوق، وسكان محليون » أنديجان » محرومون من كل شيء. وهي أيضا جيش ومخزن جديد، قومية أو قياد أو حركة أو مهما كانت التسمية، مقابل مجتمع غير مهيكل ومحروم من التعليم ومن الثروة ومن الحرية. وهي أخيرا إدارة وعسكر ورجال دين تتقاسم النفوذ في إدارة العلاقة مع الناس.
ويمكن أن نرى أوجه التشابه وأحيانا أوجه التطابق بين الحكم في العهد التركي وبين الاحتلال في : سياسة فرق تسد، والعلاقة بالوساطة والوكالة.
لقد رأينا بوضوح كامل استخدام آلية الوساطة في العلاقة بين الدولة والمجتمع. وأن الذي يرتب هذه الوساطة هي السلطة.
أيام الأتراك كان المخزن والقياد والأغوات والأمناء ورجال الدين هم الأداة الأساسية للوساطة.
وأيام الاحتلال ظل القياد والباشاغوات والقومية والحركة وبعض رجال الدين خاصة من الطرقية، أو لنقل بعض الزوايا، إضافة للعامل الجديد القديم وهو الإدارة البايليك، هم أداة الوساطة.
في الاستنتاج الأساسي الذي توصل إليه الكاتب هناك » أزمة الدولة »، دولة المؤسسات غيابا أو انفصالا عن الناس، قبل الحديث عما عاشته الدولة من أزمات.
بعد دولة الرعاية ودولة الفرد والكاريزما ودولة الجهاز جاءت فترة الحديث عن « ضرورة انسحاب الدولة » من الكثير من المجالات، بل والحديث أحيانا عن « ضرورة إضعاف الدولة » لأنها وحش بلا مشاعر مسلط على المجتمع، وكلما قللنا من حضورها كان أحسن. تلك نظرة ليبرالية. وهي عند البعض حالة انفعالية غير قائمة على رؤية معرفية فكرية مكتملة التشكل، وهي أحيانا مجرد استجابة لضغط اللحظة في انعدام الحل أمام صاحب القرار أو أمام النخب عامة. لقد كان ذلك في نهاية الثمانينيات خطوة ولم يتحول لمسار وعادت الأمور بقوة لدولة الأجهزة وإلى الانفصال الحاد عن الناس.
مسألة » أزمة الدولة » غيابا أو انفصالا، ليست مسألة هامة فقط إنها نقطة البداية.
ويسجل الكاتب أن التمعن النظري السوسيولوجي والأنثروبولوجي منه بالخصوص مسألة مهمة، كما أن التمعن في المسألة السياسية تمعنا نظريا وحتى تنظيريا صار ضرورة ملحة اليوم.
لماذا ؟ لعل السبب الأبرز أن حال المجتمع ما زالت تبعث على الاعتقاد أن التحول الاجتماعي في جميع أبعاده في حاجة ماسة للفعل الإرادي، إذن للفعل السياسي إذن لجعل الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، ومنها نظامها السياسي أداة قادرة أولا على إنضاح رؤية سياسية فكرية معرفية وثانيا جعل الفعل السياسي الإرادي يتولى ترجمة هذه الرؤية وتجسيدها بتوفير شروط قيام ديناميكية ثقافية سياسية اجتماعية قادرة على إنتاج الحل أو لنقل بدائل الحلول.
إذا كانت النهضة الغربية أتت محصلة ثورة فكرية معرفية، فلسفية ومنهجية، وكانت الدولة الأمة في أوروبا محصلة لتحولات فكرية وسياسية واقتصادية، تحولت بعد ذلك لأداة أساسية للتعبير عن الأمة وقيادة الأمة وتنظيم الفعل الجماعي للأمة وتخطيطه وقيادة خطوات الأمة نحو التنمية والرقي الثقافي والاجتماعي، فإن الدولة في بلداننا هي التي ينبغي أن تقود إلى هذه الثورة الفكرية وهذا التحول الفكري المنهجي الضروري.
وإذا كانت الدولة ونظام إدارتها وطبيعة العلاقات التي تقيمها مع المجتمع، كلها تعبر عن التخلف وتتسبب في هذا الركود والقصور فحينها يصبح هذا الوضع أولوية الأولويات.
ويسجل الكاتب بحدة واضحة أنه لا حداثة ممكنة في كل الأحوال من دون دولة حديثة ومن دون حكم يأخذ بالحداثة الفعلية وليس الشكلية لا سيما في علاقته بالمجتمع. وتساءل هل يمكن الحديث عن حداثة ثقافية من دون حرية وهل يمكن الحديث عن حداثة اجتماعية من دون حداثة أدوات المجتمع، وأساسها الدولة ومؤسساتها وأجهزتها ؟
كما يسجل أن المحدودية الفكرية أو الضبابية المعرفية الملاحظة، وانحسار التفكير في الحلول الآنية وفي الحلول الجزئية أو في الهروب المستمر من فتح باب نقاش حقيقي حول مسألة الدولة وأي دولة وبأي مؤسسات وبأي ترتيب للعلاقة بين المؤسسات وبين مختلف القوى المكونة للمجتمع، ينبغي تجاوزها والثورة عليها.
ويرى الكاتب في خلاصته أن القصور الاجتماعي، ومهما كانت نتائج تحليلنا لأسبابه وخاصة لأسباب استمراره، وعجز النخبة عن إصلاح ذاتها وعن إنتاج أو تنظيم فعل فكري وفعل ثقافي وفعل تنظيمي سياسي اجتماعي يعني أن الفعل الجماعي من خلال الدولة ما زال طريقا معولا عليه وينبغي أن تضطلع الدولة بهذه المسؤولية. فالاعتماد على البيروقراطيات مدنية وأمنية، وهي تعيش ما تعيشه من تخلف وتحجر، مصحوبا بتغييب السياسي وخنق التعبير الحر للمجتمع، وتغييب كل رقابة خاصة بسبب إفراغ المؤسسات المنتخبة من كل حياة والسطو على وظائفها، كلها مسائل قاتلة ولا يمكن أن ينمو أمل في ديناميكية حقيقية تحمل المجتمع، أفراده ونخبه، مسؤولياتهم من دون تجاوز هذا الوضع.
ويقول الكاتب في خلاصته: إن المسائل القيمية والأخلاقية، وعلى الرغم من أهميتها وحضورها القوي في ثقافتنا، لم تتوقف هذه المحاولة عندها كثيرا. فقد تركز التمعن على الجوانب التنظيمية وعلى المسائل المنهجية المتصلة مباشرة بالدولة وكنهها وكيف تدار ومن يهيمن على القرار وتقنيات الإدارة في مختلف المراحل.
وأجمل الكاتب ما توصلت إليه محاولة التفكيك لآليات عمل الدولة الجزائرية الحديثة ومؤسساتها وأجهزتها في جملة من الملاحظات والاستنتاجات :
أولا : أنماط إدارة هذا السيستام وما أفرزه من أنظمة تُوسع القطيعة بين البنى الفوقية وبين البنى التحية. ورأى أنه ليس هناك تجربة في بناء الدولة، كل ما تم في الغالب حتى الآن هو ممارسة للحكم بأجهزة. وتساءل: هل من غير الممكن للمجتمع الجزائري أن يدار إلا بهذه الأساليب، وهل هو قصور موضوعي في رفض الحداثة ورفض التخلص من هيمنة أجهزة وبيروقراطيات متخلفة وعاجزة على السلطة والثروة ؟
في الاستنتاج الأساسي الذي توصل إليه الكاتب هناك » أزمة الدولة »، دولة المؤسسات غيابا أو انفصالا عن الناس، قبل الحديث عما عاشته الدولة من أزمات.
بعد دولة الرعاية ودولة الفرد والكاريزما ودولة الجهاز جاءت فترة الحديث عن « ضرورة انسحاب الدولة » من الكثير من المجالات، بل والحديث أحيانا عن « ضرورة إضعاف الدولة » لأنها وحش بلا مشاعر مسلط على المجتمع، وكلما قللنا من حضورها كان أحسن. تلك نظرة ليبرالية. وهي عند البعض حالة انفعالية غير قائمة على رؤية معرفية فكرية مكتملة التشكل، وهي أحيانا مجرد استجابة لضغط اللحظة في انعدام الحل أمام صاحب القرار أو أمام النخب عامة. لقد كان ذلك في نهاية الثمانينيات خطوة ولم يتحول لمسار وعادت الأمور بقوة لدولة الأجهزة وإلى الانفصال الحاد عن الناس.
مسألة » أزمة الدولة » غيابا أو انفصالا، ليست مسألة هامة فقط إنها نقطة البداية.
ويسجل الكاتب أن التمعن النظري السوسيولوجي والأنثروبولوجي منه بالخصوص مسألة مهمة، كما أن التمعن في المسألة السياسية تمعنا نظريا وحتى تنظيريا صار ضرورة ملحة اليوم.
لماذا ؟ لعل السبب الأبرز أن حال المجتمع ما زالت تبعث على الاعتقاد أن التحول الاجتماعي في جميع أبعاده في حاجة ماسة للفعل الإرادي، إذن للفعل السياسي إذن لجعل الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، ومنها نظامها السياسي أداة قادرة أولا على إنضاح رؤية سياسية فكرية معرفية وثانيا جعل الفعل السياسي الإرادي يتولى ترجمة هذه الرؤية وتجسيدها بتوفير شروط قيام ديناميكية ثقافية سياسية اجتماعية قادرة على إنتاج الحل أو لنقل بدائل الحلول.
إذا كانت النهضة الغربية أتت محصلة ثورة فكرية معرفية، فلسفية ومنهجية، وكانت الدولة الأمة في أوروبا محصلة لتحولات فكرية وسياسية واقتصادية، تحولت بعد ذلك لأداة أساسية للتعبير عن الأمة وقيادة الأمة وتنظيم الفعل الجماعي للأمة وتخطيطه وقيادة خطوات الأمة نحو التنمية والرقي الثقافي والاجتماعي، فإن الدولة في بلداننا هي التي ينبغي أن تقود إلى هذه الثورة الفكرية وهذا التحول الفكري المنهجي الضروري.
وإذا كانت الدولة ونظام إدارتها وطبيعة العلاقات التي تقيمها مع المجتمع، كلها تعبر عن التخلف وتتسبب في هذا الركود والقصور فحينها يصبح هذا الوضع أولوية الأولويات.
ويسجل الكاتب بحدة واضحة أنه لا حداثة ممكنة في كل الأحوال من دون دولة حديثة ومن دون حكم يأخذ بالحداثة الفعلية وليس الشكلية لا سيما في علاقته بالمجتمع. وتساءل هل يمكن الحديث عن حداثة ثقافية من دون حرية وهل يمكن الحديث عن حداثة اجتماعية من دون حداثة أدوات المجتمع، وأساسها الدولة ومؤسساتها وأجهزتها ؟
كما يسجل أن المحدودية الفكرية أو الضبابية المعرفية الملاحظة، وانحسار التفكير في الحلول الآنية وفي الحلول الجزئية أو في الهروب المستمر من فتح باب نقاش حقيقي حول مسألة الدولة وأي دولة وبأي مؤسسات وبأي ترتيب للعلاقة بين المؤسسات وبين مختلف القوى المكونة للمجتمع، ينبغي تجاوزها والثورة عليها.
ويرى الكاتب في خلاصته أن القصور الاجتماعي، ومهما كانت نتائج تحليلنا لأسبابه وخاصة لأسباب استمراره، وعجز النخبة عن إصلاح ذاتها وعن إنتاج أو تنظيم فعل فكري وفعل ثقافي وفعل تنظيمي سياسي اجتماعي يعني أن الفعل الجماعي من خلال الدولة ما زال طريقا معولا عليه وينبغي أن تضطلع الدولة بهذه المسؤولية. فالاعتماد على البيروقراطيات مدنية وأمنية، وهي تعيش ما تعيشه من تخلف وتحجر، مصحوبا بتغييب السياسي وخنق التعبير الحر للمجتمع، وتغييب كل رقابة خاصة بسبب إفراغ المؤسسات المنتخبة من كل حياة والسطو على وظائفها، كلها مسائل قاتلة ولا يمكن أن ينمو أمل في ديناميكية حقيقية تحمل المجتمع، أفراده ونخبه، مسؤولياتهم من دون تجاوز هذا الوضع.
ويقول الكاتب في خلاصته: إن المسائل القيمية والأخلاقية، وعلى الرغم من أهميتها وحضورها القوي في ثقافتنا، لم تتوقف هذه المحاولة عندها كثيرا. فقد تركز التمعن على الجوانب التنظيمية وعلى المسائل المنهجية المتصلة مباشرة بالدولة وكنهها وكيف تدار ومن يهيمن على القرار وتقنيات الإدارة في مختلف المراحل.
وأجمل الكاتب ما توصلت إليه محاولة التفكيك لآليات عمل الدولة الجزائرية الحديثة ومؤسساتها وأجهزتها في جملة من الملاحظات والاستنتاجات :
ثانيا : غياب فكرة إصلاح جدية لدى النخبة المسيطرة، خاصة وأن طبيعة هذا السيستام الأركائيكية، لاسيما مركزيته الأحادية الحادة، تطرد الكثير من الذكاء الاجتماعي والفكري والسياسي.
ويستنتج الكاتب بحدة واضحة: الواقع أن هذا التحقيق وصل إلى الاعتقاد أن الإصلاح، بمعنى تقويم ما هو قائم، غير ممكن، ولا بد من البدء من لاشيء أو لا بد من بناء دولة جديدة.
إن الدولة بمعاني ابن خلدون، أي دولة العصبية المنتصرة أو الدولة بمعاني ماكس فيبر أو إيميل دوركايم أو مونتيسكيو، دولة العقلانية القانونية ودولة النخبة والعلماء ودولة المؤسسات والقانون، غير موجودة في واقعنا. والموجود هو شيء مشوه من بنيات كولونيالية نشأت على هامش الرأسمالية الأوروبية وفي خدمتها.
ثالثا : حتى وإن كان الذين يقومون على هذا النظام يتشدقون بالقول أنهم ممثلون للحداثة بل وهم ضمانتها الأساسية (!!)، فإن بناء الدولة الحديثة غير ممكن من دون تفجير ديناميكية جديدة. والذين يرتبطون معرفيا وثقافيا وأحيانا أيديولوجيا ومصلحيا بأوروبا وخاصة بفرنسا ينسون أن الحداثة في أوروبا أتت محصلة لعصر الحرية الفكرية والسياسية في حين يعول عندنا أن تقود عملية التحديث دولة متخلفة أركائيكية ترفض إطلاق حرية الفكر وحرية التنظيم وحرية المبادرة السياسية والاقتصادية، تفرض الاحتكار في كل شيء، تقيم اقتصاد سوق ولكنها تحتكره، تعتمد التعددية ولكنها تحتكر كل أشكال التعبير السياسي وكل الهويات السياسية.
رابعا : التمثيل سار في اتجاه نوع من القطيعة الحادة وذلك قد يولد أزمات حادة قد لا تجد أي معالجة لها خارج انهيار هذا النمط من الحكم.
ويمكن القول إننا لا نعيش » العصبية »، سواء بمعناها الإنساني أو بمعناها المعنوي الديني أو حتى الأيديولوجي. إننا نعيش وضعا فيه الكثير من الشبه مع المرحلة الأخيرة من حكم الدايات وسيطرة الإنكشارية والكثير من التشابه مع تقنيات الإدارة الاستعمارية.
خامسا : هل تطلعات الحرية هي التي تخلق لهذا النظام السيستام أزمات إدارة وهي التي تتسبب في الركود ؟ وهل الركود الفكري والسياسي والتطرف الديني هو الذي يمكن هذا السيستام من الاستمرار ؟
ما يمكن اليوم استنتاجه منطقيا هو أن البلاد جربت، منذ الاستقلال عن الاستعمار في شكله القديم، تقييد المجتمع وانتهت للوضع الذي عرفناه، والذي لم يجرب هو تقييد السلطة وتحرير المجتمع. فالسلطة بكل ما كان لديها من حرية تصرف في مقدرات البلاد وثرواتها لم تحقق ما وعدت به، لا الاشتراكية والعدالة الاجتماعية ولا الحرية والديمقراطية والحداثة والعصرنة.
سادسا : إن فوضى مجال المال والثروة وفتح الباب واسعا أمام عملية تشكيل طبقة من كبار التجار ومن صغار المستثمرين ومن صغار الرأسماليين من غير فتح مجال الحريات هو جريمة لا تحمد عقباها.
سابعا : هل ينبغي البحث عن فكرة سياسية ومعرفية أخرى عن الدولة ؟ هل هناك استحالة في الأخذ بأفكار الحداثة في تنظيم الدولة والسلطة وفي علاقة هذه الدولة وأدواتها بالناس ؟ إنه موضوع جدل متجدد، جدل فلسفي نظري وجدل سياسي تنظيمي.
إن استعارة حداثة أمر ثبت أنه طريق مسدود وأن أي حداثة في غير ثقافة المجتمع العربي الأمازيغي هو عبث ومضيعة للوقت والجهد والمال. ولكن إنتاج هذه الحداثة الذاتية وإنتاج مؤسساتها غير ممكن من دون حرية ومن دون الأخذ بالمنافسة الديمقراطية وحل جميع الإشكاليات في جو الحرية الكامل والمنظم.
ثامنا : مسألة الشرعية وضعفها أو غيابها، تعود في جانب كبير منها لغياب حياة مؤسساتية، وليس مسألة ديماغوجية، ذلك أن غياب الشرعية يجعل الدولة معرضة بشكل مستمر لمخاطر الإنهيار ومعرضة للابتزاز الخارجي والتبعية، لأن الحكم غير الشرعي والقائم على أجهزة وأدوات أمنية وتغييب السياسي، يستند أكثر ما يستند، في استمراره، على عاملين أساسييين، الخارج، تواطؤه أو سكوته، وشراء الذمم والإفساد.
ينبغي التفكير في خلاصة جديدة، وهذا أمر لا يخص الجزائر وحدها بل كل بلاد العرب.
وشدد الكتاب في نهاية خلاصته على عدة استنتاجات اعتبرها الجانب الأهم الذي ينبغي التوقف عنده.
المسألة الأساسية هي : ينبغي إتمام الاستقلال. قد لا يكون الزمن هو زمن الثورات بالمعنى العنيف للكلمة، ولكنه زمن « الثورات الاجتماعية » ولذلك هناك ضرورة ملحة للعودة لروح نوفمبر ولروح الحركة الوطنية.
الاستقلال ليس بالضرورة الثورة مثلما لم تكن الثورة بالضرورة الاستقلال، ربما لأنها غيبت الشعب من المعادلة السياسية وحرمته من الحرية. ولهذا فحتى يكون الاستقلال ثورة تغيير جذري وحتى تكون الثورة استقلالا حقيقيا وكاملا عن الظاهرة السياسية التي سبقتها، خاصة في علاقة السلطة الحاكمة بالناس وحتى تكون السلطة والسيادة هي سلطة الناس وسيادتهم، لا بد أن تقترن الثورة بالحرية.
ذلك بخصوص الدولة والمؤسسات وأما بخصوص المجتمع فإن إنسان ما بعد الموحدين بالأوصاف التي وضعها مالك بن نبي ينبغي أن يموت فينا، إنه الإنسان المهزوم، ينبغي أن يولد الإنسان المنتصر. ولكي يولد هذا الإنسان المنتصر لا بد أن تتحقق انتصارات على عدة مستويات، وخاصة هذا المستوى الهام الذي هو الدولة والمؤسسات.
وسجل الكاتب في الأخير، وكأنه يعلن عن استمراره في إتمام هذه المحاولة أنه ينبغي، بعد عملية التفكيك هذه، تخصيص عمل منهجي آخر لعملية إعادة البناء. فكيف ينبغي بناء الدولة وبأي مواصفات وبأي ترتيب مؤسساتي؟
ثانيا : غياب فكرة إصلاح جدية لدى النخبة المسيطرة، خاصة وأن طبيعة هذا السيستام الأركائيكية، لاسيما مركزيته الأحادية الحادة، تطرد الكثير من الذكاء الاجتماعي والفكري والسياسي.
ويستنتج الكاتب بحدة واضحة: الواقع أن هذا التحقيق وصل إلى الاعتقاد أن الإصلاح، بمعنى تقويم ما هو قائم، غير ممكن، ولا بد من البدء من لاشيء أو لا بد من بناء دولة جديدة.
إن الدولة بمعاني ابن خلدون، أي دولة العصبية المنتصرة أو الدولة بمعاني ماكس فيبر أو إيميل دوركايم أو مونتيسكيو، دولة العقلانية القانونية ودولة النخبة والعلماء ودولة المؤسسات والقانون، غير موجودة في واقعنا. والموجود هو شيء مشوه من بنيات كولونيالية نشأت على هامش الرأسمالية الأوروبية وفي خدمتها.
ثالثا : حتى وإن كان الذين يقومون على هذا النظام يتشدقون بالقول أنهم ممثلون للحداثة بل وهم ضمانتها الأساسية (!!)، فإن بناء الدولة الحديثة غير ممكن من دون تفجير ديناميكية جديدة. والذين يرتبطون معرفيا وثقافيا وأحيانا أيديولوجيا ومصلحيا بأوروبا وخاصة بفرنسا ينسون أن الحداثة في أوروبا أتت محصلة لعصر الحرية الفكرية والسياسية في حين يعول عندنا أن تقود عملية التحديث دولة متخلفة أركائيكية ترفض إطلاق حرية الفكر وحرية التنظيم وحرية المبادرة السياسية والاقتصادية، تفرض الاحتكار في كل شيء، تقيم اقتصاد سوق ولكنها تحتكره، تعتمد التعددية ولكنها تحتكر كل أشكال التعبير السياسي وكل الهويات السياسية.
رابعا : التمثيل سار في اتجاه نوع من القطيعة الحادة وذلك قد يولد أزمات حادة قد لا تجد أي معالجة لها خارج انهيار هذا النمط من الحكم.
ويمكن القول إننا لا نعيش » العصبية »، سواء بمعناها الإنساني أو بمعناها المعنوي الديني أو حتى الأيديولوجي. إننا نعيش وضعا فيه الكثير من الشبه مع المرحلة الأخيرة من حكم الدايات وسيطرة الإنكشارية والكثير من التشابه مع تقنيات الإدارة الاستعمارية.
خامسا : هل تطلعات الحرية هي التي تخلق لهذا النظام السيستام أزمات إدارة وهي التي تتسبب في الركود ؟ وهل الركود الفكري والسياسي والتطرف الديني هو الذي يمكن هذا السيستام من الاستمرار ؟
ما يمكن اليوم استنتاجه منطقيا هو أن البلاد جربت، منذ الاستقلال عن الاستعمار في شكله القديم، تقييد المجتمع وانتهت للوضع الذي عرفناه، والذي لم يجرب هو تقييد السلطة وتحرير المجتمع. فالسلطة بكل ما كان لديها من حرية تصرف في مقدرات البلاد وثرواتها لم تحقق ما وعدت به، لا الاشتراكية والعدالة الاجتماعية ولا الحرية والديمقراطية والحداثة والعصرنة.
سادسا : إن فوضى مجال المال والثروة وفتح الباب واسعا أمام عملية تشكيل طبقة من كبار التجار ومن صغار المستثمرين ومن صغار الرأسماليين من غير فتح مجال الحريات هو جريمة لا تحمد عقباها.
سابعا : هل ينبغي البحث عن فكرة سياسية ومعرفية أخرى عن الدولة ؟ هل هناك استحالة في الأخذ بأفكار الحداثة في تنظيم الدولة والسلطة وفي علاقة هذه الدولة وأدواتها بالناس ؟ إنه موضوع جدل متجدد، جدل فلسفي نظري وجدل سياسي تنظيمي.
إن استعارة حداثة أمر ثبت أنه طريق مسدود وأن أي حداثة في غير ثقافة المجتمع العربي الأمازيغي هو عبث ومضيعة للوقت والجهد والمال. ولكن إنتاج هذه الحداثة الذاتية وإنتاج مؤسساتها غير ممكن من دون حرية ومن دون الأخذ بالمنافسة الديمقراطية وحل جميع الإشكاليات في جو الحرية الكامل والمنظم.
ثامنا : مسألة الشرعية وضعفها أو غيابها، تعود في جانب كبير منها لغياب حياة مؤسساتية، وليس مسألة ديماغوجية، ذلك أن غياب الشرعية يجعل الدولة معرضة بشكل مستمر لمخاطر الإنهيار ومعرضة للابتزاز الخارجي والتبعية، لأن الحكم غير الشرعي والقائم على أجهزة وأدوات أمنية وتغييب السياسي، يستند أكثر ما يستند، في استمراره، على عاملين أساسييين، الخارج، تواطؤه أو سكوته، وشراء الذمم والإفساد.
ينبغي التفكير في خلاصة جديدة، وهذا أمر لا يخص الجزائر وحدها بل كل بلاد العرب.
وشدد الكتاب في نهاية خلاصته على عدة استنتاجات اعتبرها الجانب الأهم الذي ينبغي التوقف عنده.
المسألة الأساسية هي : ينبغي إتمام الاستقلال. قد لا يكون الزمن هو زمن الثورات بالمعنى العنيف للكلمة، ولكنه زمن « الثورات الاجتماعية » ولذلك هناك ضرورة ملحة للعودة لروح نوفمبر ولروح الحركة الوطنية.
الاستقلال ليس بالضرورة الثورة مثلما لم تكن الثورة بالضرورة الاستقلال، ربما لأنها غيبت الشعب من المعادلة السياسية وحرمته من الحرية. ولهذا فحتى يكون الاستقلال ثورة تغيير جذري وحتى تكون الثورة استقلالا حقيقيا وكاملا عن الظاهرة السياسية التي سبقتها، خاصة في علاقة السلطة الحاكمة بالناس وحتى تكون السلطة والسيادة هي سلطة الناس وسيادتهم، لا بد أن تقترن الثورة بالحرية.
ذلك بخصوص الدولة والمؤسسات وأما بخصوص المجتمع فإن إنسان ما بعد الموحدين بالأوصاف التي وضعها مالك بن نبي ينبغي أن يموت فينا، إنه الإنسان المهزوم، ينبغي أن يولد الإنسان المنتصر. ولكي يولد هذا الإنسان المنتصر لا بد أن تتحقق انتصارات على عدة مستويات، وخاصة هذا المستوى الهام الذي هو الدولة والمؤسسات.
2 comments
J’ai lu avec beaucoup d’intérêt ce que vous publiez concernant le pouvoir politique en Algérie . Ce système,nous l’avons hérité de la guerre de libération . Le F.L.N,est un outil de destruction du système colonial . En voulant construire l’Algérie post 62,il a fini par dépasser son objectif . Autrement dit le F.L.N et la conception de gestion héritée de la guerre de libération,sont devenus une charge qui bloque le pays . Depuis 62,plusieures générations de jeunes compétences sont marginalisées sous prétexte que ces jeunes n’ont pas participé au soulèvement de 54 . Cette conception qui consiste à considérer l’Algérie comme un butin de guerre a fini par détruire progressivement le pays . Plus on s’éloigne de 62,plus le pays s’enfonce . La solution consiste en une rupture avec ce régime et ses pratiques d’où la nécessité d’une deuxième république .
L’éternelle situation d’urgence,
De Barbarousse à Bouteflika,nous abordons une longue période de l’histoire d’Algérie .Cette période se caractérise par le manque de planification,de réflexion ou d’anticipation . Gérer,consiste à prévoir . Or,il est à constater,que Barbarousse et sont frère sont arrivés en Algérie en catastrophe à la demande des algériens pour contrer la menace espagnole . Ce caractère catastrophique de la gestion du pays,nous le retrouvons plus loin,quand le processus démocratique est interrompu,Boudiaf,est appelé en catastrophe pour « sauver la république » . En 1999,sans aucune vision politique et après l’échec du Haut conseil d’état (H.C.E),Bouteflika le bannis,fut appelé de nouveau en catastrophe pour « sauver » ce qui restait à sauver .
Il est regrettable qu’un État comme l’Algérie,continue à fonctionner sans institutions,sans centres de recherches géostratégiques,sans vision et sans politiques d’anticipation . Nous continuons à subir les évènements sans véritable stratégie pour agir après en catastrophe .